الأمير عبد القادر النشأة والاصول

نشأة الامير عبد القادر

نشأة الامير عبد القادر

نشأ الأمير وتربى في محيط ديني علمي ثقافي، وكان موضع اهتمام وعناية كبيرة من طرف والده الذي مال إليه ميلاً خاصاً، فأحاطه برأفته وحنانه المميزين وحاول أن ينشئه نشأة تؤهله لتحمل مسؤولية قيادة الأسرة بعد وفاته، فكان لا يسمح لأحد غيره أن يقوم بالعناية به.

زاوية الشيخ محي الدين
زاوية الشيخ محي الدين

    التحق عبدالقادر بزاوية والده بالقيطنة وهو في الرابعة من عمره، فكانت ملكاته العقلية على نبوغ غير عادي فقد كان يقرأ ويكتب عندما كان في الخامسة من عمره ولما آنس الشيخ هذا الاستعداد الكبير وما تحلى به عبدالقادر من إمارات الذكاء والفطنة بذل والده خالص جهده في تثقيف ولده وإتاحة الفرص أمامه ليرتع من مناهل الثقافة الأدب.

وما أن بلغ عبدالقادر الثانية عشرة من عمره، حتى أصبح في عداد حفظة القرآن الكريم، متمكنا من الحديث وأصول الشريعة و كانت خزانة كتبه أحب مكان إلى نفسه، و كان إذا خرج إلى وادي الحمام أو غادر قريته الى مدينة معسكر، حمل معه واحدا من هذه الكتب ليكون رفيقه في رحلته

مرحلة ثانية من حياة الامير

         وبعدها بسنتين أصبح في مقدور الشاب عبدالقادر أن يلقي دروسا في الجامع التابع لأسرته في مختلف المواد الفقهية.

الشجرة التي ينزوي تحتحتها الامير بوادي الحمام

وإدراكا من محيي الدين بأن العقل السليم في الجسم السليم، راح يشجع ابنه على الفروسية، وركوب الخيل، ومقارعة أنداده، والمشاركة في المسابقات التي تقام آنذاك، أظهر تفوقا مدهشا” فقد كان يلمس كتف فرسه بصدره، ويضع أحد يديه على ظهر الفرس ثم يقفز إلى الجانب الآخر، أو أنه كان يدفع الفرس إلى أكبر سرعة ممكنة، ثم نزع قدميه من المهماز، ويقف على السرج ويطلق النار على هدفه بدقة عجيبة

وبعد أن اكتملت للشاب المؤهلات الجسمية والعقلية في مسقط رأسه بالقيطنة، قرر أبوه إيفاده إلى وهران للأخذ عن علمائها وتوسيع معارفه، فانضم إلى طلاب مدرسة المدينة التي كانت بإشراف أحمد بن الخوجة، ومكث بها سنتين طالبا للعلم والمعارف، شغوفا بالدراسة والتحصيل، فازداد تعمقا في الفقه، وطالع كتب الفلاسفة وتعلم الحساب والجغرافيا، على يد الشيخ أحمد بن الطاهر البطيوي قاضي أرزيو الذي كان مشهورا في ذلك الوقت بغزارة العلم وسعة الإطلاع

وقد دامت رحلة عبدالقادر العلمية هذه ما يقرب السنتين(1237-1239هـ) (1821-1823م) ليعود بعدها إلى بلدته القيطنة، التي لم يمكث بها طويلا، حتى بادر والده لشيخ محيي الدين-وقد رأى علامات الرجولة جسميا وعقليا قد اكتملت في ولده – إلى تزويجه وانتقى له فتاة جمعت محاسن الخلق والخلق والنسب الشريف وهي ابنة عم عبدالقادر، التي كانت مثله تتمتع بجمال وأخلاق عالية، وقد تم حفل زفافه على الطريقة الإسلامية، وكان عمره آنذاك الخامسة عشر

وتزامنت شهرته العلمية مع فروسية خاصة، وكان عبدالقادر يعيش مرحلة الشباب الحقة بما فيها من قوة وشجاعة وتحمل، ولذلك فلا عجب أن نراه وهو صاحب السبعة عشر ربيعا، يشار إليه بالبنان لشدة البأس وقوة البدن والفروسية، وبذلك عود نفسه وروحه على تحمل الشدائد والصعاب، وكأنت الأقدار تهيؤه لمستقبل يتطلب تربية خاصة، فلا غرابة أن يراه  وهو أميرا بعد ذلك يقو بتلك الأدوار المدهشة التي أثارت استغراب وحيرة أعدائه (عدم النوم خلال أسابيع والتعرض للصدام وندرة إغماد سيفه)، فقد كان صحيحا ما قيل عنه من أن سرجه كان عرشه

 وعلى الرغم من الثراء الذي كانت تتمتع به أسرة عبدالقادر، إلا أن ذلك لم يدفعه إلى اللهو والترف، بل كان متواضعا ووسطا في كل الأمور، ومع هذا التواضع كان «ذا جاذبية ساحرة مع بساطة وأناقة في لباسه، متواضعا، إلا أنه كان شغوفا بتزيين سلاحه فقد كانت بندقيته التونسية الطويلة مرصعة بالفضة، أما مسدسه فقد كان مرصعا بالجواهر.

هواية الامير عبد القادر

وكانت هواية الأمير المحببة إلى نفسه كثيرا، رياضة الصيد، التي كان يمارسها برغبة وحب شديدين، بحيث كان كلما انتهى من واجباته العلمية والدينية يأخذ معه خادمين أو ثلاثة، ثم يقصد الغابات والبراري، عكس أنداده من الشباب الآخرين الذين كانوا يعطون رحلات الصيد مظهرا استعراضيا، حيث يتقدمون مع حاشية كبيرة من الخدم والصقور والكلابوإثر عودته من رحلته كان يؤوب إلى دروسه وقد تجدد نشاطه، وأصبحت نفسه مستعدة أكثر من ذي قبل للتحصيل والإستيعاب، ذلك أن مثل هذه الأمور لم تكن تشغله عن القيام بواجباته الأساسية العلمية أو الدينية.

وفي هذا السن، بدأت ملكة الشعر تظهر لدى عبدالقادر للعيان، حيث بدأ يقرض الشعر ولما يبلغ العشرين من عمره بعد، على الرغم من أنه” لم يسبق له تعلم موازين الشعر ومقايسه، ولا سبق له أن تلقى أصوله ومبادئه على أستاذ خبير في فن الشعر وأصوله”، فجمع بذلك بين رتبتي السيف والقلم مما زاد أباه إعجابا وفخرا به، فكان لا يقدم على عمل دون استشارته ولا يحضر مناسبة اجتماعية أو سياسية إلا برفقته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى